والقول الثاني : إنّه يجوّز ذبيحتهم، الكتابي، وإن سمّي غير اللّه فإن هذا مستثنى من قوله تعالى ﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ ﴾ وهي إنما نزلت في ذبائح المشركين وما كانوا يذبحونها لأصنامهم، وعلى هذا أكثر العلماء.
قال الشعبي وعطاء : في النصراني يذبح فيقول : باسم المسيح قالا : يحلّ. فإنّ اللّه عز وجل قد أحل ذبائحهم وهو أعلم بما يقولون.
وسأل الزهري ومكحول عن ذبائح عبدة أهل الكتاب، [ والمربيات ] لكنائسهم وما ذبح لها فقالا : هي حلال، وقرأ هذه الآية.
وقال الحسن والحرث العكلي : ما كنت أسأله عن ذبحه فإنه أحل اللّه لنا طعامه، فإذا ذبح اليهودي والنصراني فذكر غير اسم اللّه وأنت تسمع فلا تأكله، فإذا غاب عنك فكل، فقد أحل اللّه لك [ ما في ] القرآن، فذبح اليهود والنصارى ونحرهم مكروه.
قال علي ( رضي الله عنه ) :" لا يذبح ضحاياكم اليهود ولا النصارى ولا يذبح نسكك إلاّ مسلم ". أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله عز وجل :﴿ اليوم أحل لكم الطيبات ﴾ إنما كرر إحلال الطيبات للتأكيد كأنه قال : اليوم أحل لكم الطيبات التي سألتم عنها ويحتمل أن يراد باليوم، اليوم الذي أنزلت فيه هذه الآية أو اليوم الذي تقدم ذكره في قوله : اليوم يئس الذي كفروا من دينكم اليوم أكملت لكم دينكم.
ويكون الغرض من ذكر هذا الحكم، أنه تعالى قال : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، فبين أنه كما أكمل الدين وأتم النعمة، فكذلك أتم النعمة بإحلال الطيبات.
وقيل : ليس المراد باليوم يوماً معيناً وقد تقدم الكلام في ذلك اليوم وفي معنى الطيبات في الآية المتقدمة.
وقوله تعالى :﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ﴾ يعني وذبائح أهل الكتاب حل لكم وهم اليهود والنصارى ومن دخل في دينهم من سائر الأمم قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon