وغرضنا من هذا تنوير البصائر إذا اعترى التردّد لأهل النظر في إناطة حظر أو إباحة بما لا نصّ فيه أو في مواقع المتشابهات. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ الجوارح مُكَلّبِينَ تُعَلّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ الله﴾
فصل
قال الفخر :
في هذه الآية قولان :
الأول : أن فيها إضماراً، والتقدير أحل لكم الطيبات وصيد ما علمتم من الجوارح مكلبين، فحذف الصيد وهو مراد في الكلام لدلالة الباقي عليه، وهو قوله ﴿فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ﴾.
الثاني : أن يقال إن قوله ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ الجوارح مُكَلّبِينَ﴾ ابتداء كلام، وخبره هو قوله ﴿فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ وعلى هذا التقدير يصح الكلام من غير حذف وإضمار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١١٤﴾
فصل
قال الفخر :
في الجوارح قولان :
أحدهما : أنها الكواسب من الطير والسباع، واحدها جارحة، سميت جوارح لأنها كواسب من جرح واجترح إذا اكتسب، قال تعالى :﴿الذين اجترحوا السيئات﴾ [ الجاثية : ٢١ ] أي اكتسبوا، وقال ﴿وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بالنهار﴾ [ الأنعام : ٦٠ ] أي ما كسبتم.
والثاني : أن الجوارح هي التي تجرح، وقالوا : أن ما أخذ من الصيد فلم يسل منه دم لم يحل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١١٤﴾
قال الآلوسى :
﴿ وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ الجوارح ﴾ عطف على الطيبات بتقدير مضاف على أن ﴿ مَا ﴾ موصولة، والعائد محذوف أي وصيد ما علمتموه، قيل : والمراد مصدره لأنه الذي أحل بعطفه على ﴿ الطيبات ﴾ من عطف الخاص على العام، وقيل : الظاهر أنه لا حاجة إلى جعل الصيد بمعنى المصيد لأن الحل والحرمة مما يتعلق بالفعل، ويحتمل أن تكون ﴿ مَا ﴾ شرطية مبتدأ، والجواب فكلوا، والخبر الجواب، والشرط على المختار، والجملة عطف على جملة ﴿ أُحِلَّ لَكُمُ ﴾ ولا يحتاج إلى تقدير مضاف.