الثالثة عشرة ؛ قوله تعالى :﴿ وَأَرْجُلَكُمْ ﴾ قرآ نافع وابن عامر والكسائي "وَأَرْجُلَكمْ" بالنصب ؛ وروى الوليد بن مسلم عن نافع أنه قرأ "وَأَرْجُلُكُمْ" بالرفع وهي قراءة الحسن والأعمش سليمان ؛ وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة "وَأَرْجُلِكُم" بالخفض وبحسب هذه القراءات اختلف الصحابة والتابعون ؛ فمن قرأ بالنصب جعل العامل "أَغْسِلُوا" وبنى على أن الفرض في الرِّجلين الغَسل دون المسح، وهذا مذهب الجمهور والكافّة من العلماء، وهو الثابت من فعل النبي ﷺ، واللازم من قوله في غير ما حديث، وقد رأى قوماً يتوضئون وأعقابهم تلُوح فنادى بأعلى صوته :
" ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء " ثم إن الله حدَّهما فقال :"إلَى الْكَعْبين" كما قال في اليدين "إلَى المْرَافِق" فدّل على وجوب غسلهما ؛ والله أعلم.
ومن قرأ بالخفض جعل العامل الباء، قال ابن العربي : اتفقت العلماء على وجوب غسلهما، وما علمت من رَدّ ذلك سوى الطَبري من فقهاء المسلمين، والرّافضة من غيرهم، وتعلق الطبري بقراءة الخفض.
قلت : قد رُوي عن ابن عباس أنّه قال : الوضوء غسلتان ومسحتان.
وروى أن الحجاج خطب بالأهْوَاز فذكر الوضوء فقال : اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برءوسكم وأرجلكم، فإنه ليس شيء من ابن آدم أقرب من خبثه من قدميه، فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما.
فسمع ذلك أنس ابن مالك فقال : صدق الله وكذب الحجاج ؛ قال الله تعالى ﴿ وامسحوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلكُمْ ﴾ قال : وكان إذا مسح رجليه بلّهما، وروى عن أنس أيضاً أنه قال : نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل.
وكان عِكرمة يمسح رجليه وقال : ليس في الرجلين غسل إنما نزل فيهما المسح.
وقال عامر الشعبي : نزل جبريل بالمسح ؛ ألا ترى أن التيمم يمسح فيه ما كان غسلاً، ويُلغي ما كان مسحاً.
وقال قتادة : افترض الله غسلتين ومسحتين.


الصفحة التالية
Icon