عنهم آخراً بما يدل على الوجوب عليه عليه الصلاة والسلام أولاً ؛ ونسخه عنه آخراً لا يخلو عن شيء كما لا يخفى.
وأخرج مالك والشافعي وغيرهما عن زيد بن أسلم أن تفسير الآية إذا قمتم من المضاجع يعني النوم إلى الصلاة والأمر عليه ظاهر، ويحكى عن داود أنه أوجب الوضوء لكل صلاة لأن النبي ﷺ والخلفاء من بعده كانوا يتوضؤون كذلك، وكان علي كرم الله تعالى وجهه يتوضأ كذلك ويقرأ هذه الآية، وفيه أن حديث عمر رضي الله تعالى عنه يأبى استمرار النبي عليه الصلاة والسلام على ما ذكر، والخبر عن علي كرم الله تعالى وجهه لم يثبت، وفعل الخلفاء لا يدل على أكثر من الندب والاستحباب، وقد ورد "من توضأ على طهر كتب الله تعالى له عشر حسنات٢.
﴿ فاغسلوا وُجُوهَكُمْ ﴾ أي أسيلوا عليها الماء، وحد الإسالة أن يتقاطر الماء ولو قطرة عندهما، وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يشترط التقاطر، وأما الدلك فليس من حقيقة الغسل خلافاً لمالك فلا يتوقف حقيقته عليه، قيل : ومرجعهم فيه قول العرب : غسل المطر الأرض، وليس في ذلك إلا الإسالة، ومنع بأن وقعه من علو خصوصاً مع الشدة والتكرر دلك أيّ دلك، وهم لا يقولونه إلا إذا نظفت الأرض، وهو إنما يكون بدلك، وبأنه غير مناسب للمعنى المعقول من شرعية الغسل، وهو تحسين هيئة الأعضاء الظاهرة للقيام بين يدي الرب سبحانه وتعالى الذي لا يتم بالنسبة إلى سائر المتوضئين إلا بالدلك.
وحكي عنه أن الدلك ليس واجباً لذاته، وإنما هو واجب لتحقق وصول الماء فلو تحقق لم يجب كما قاله ابن ( أمير ) الحاج في "شرح المنية" ومن الغريب أنه قال باشتراط الدلك في الغسل ولم يشترط السيلان فيما لو أمرَّ المتوضىء الثلج على العضو فإنه قال : يكفي ذلك وإن لم يذب الثلج ويسيل، ووافقه عليه الأوزاعي مع أن ذلك لا يسمى غسلاً أصلاً ويبعد قيامه مقامه.