وقال الآلوسى :
﴿ واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ ﴾ وهي نعمة الإسلام، أو الأعم على إرادة الجنس، وأمروا بذلك ليذكرهم المنعم ويرغبهم في شكره ﴿ وميثاقه الذى وَاثَقَكُم بِهِ ﴾ أي عهده الذي أخذه عليكم وقوله تعالى :﴿ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ ظرف لواثقكم به أو لمحذوف وقع حالاً من الضمير المجرور في ﴿ بِهِ ﴾ أو من ميثاقه أي كائناً وقت قولكم : سمعنا وأطعنا وفائدة التقييد به تأكيد وجوب مراعاته ( بتذكير قبولهم ) والتزامهم بالمحافظة عليه، والمراد به الميثاق الذي أخذه على المسلمين حين بايعهم النبي ﷺ في العقبة الثانية سنة ثلاث عشرة من النبوة على السمع والطاعة في حال اليسر والعسر والمنشط والمكره كما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبادة بن الصامت، وقيل : هو الميثاق الواقع في العقبة الأولى سنة إحدى عشرة، أو بيعة الرضوان بالحديبية، فإضافة الميثاق إليه تعالى مع صدوره عنه ﷺ لكون المرجع إليه سبحانه كما نطق به قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله ﴾ [ الفتح : ١٠ ].
وأخرج ابن جرير وابن حميد عن مجاهد قال : هو الميثاق الذي واثق به بني آدم حين أخرجهم من صلب أبيهم عليه السلام وفيه بعد.
﴿ واتقوا الله ﴾ في نسيان نعمته ونقض ميثاقه، أو في كل ما تأتون وتذرون فيدخل فيه ما ذكر دخولاً أولياً ﴿ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ أي مخفياتها الملابسة لها ملابسة تامة مصححة لإطلاق الصاحب عليها فيجازيكم عليها، فما ظنكم بجليات الأعمال؟ والجملة اعتراض وتعليل للأمر وإظهار الاسم الجليل لما مر غير مرة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon