وقلنا من قبل : إن الرسول ﷺ أبلغنا أنه في الليلة الأخيرة من رمضان يتجلى الجبار بالمغفرة. والنظرة السطحية تتساءل : ولماذا لم يقل : يتجلى الغفار بالمغفرة؟ ذلك أن ( الجبار ) صفة من صفات الجلال التي تقتضي معاقبة المذنب، والذنب متعلق بصفات الجلال لا بصفات الجمال، إذن فالمنطق يقتضي أن يقف المذنب أمام شديد الانتقام ؛ لأن المقام يناسب صفات الجلال، ولكن علينا أن نتذكر جيدا أن الله يرخي العِنان للمذنب لعله يتوب، وأن الله يفرح بتوبة عبده وأن رحمته تَغْلب غضبه.
ويذيل الحق الآية :﴿ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ والتقوى - كما نعلم - لا تنشأ من الأفعال المحسة المدركة فقط، بل تنشأ أيضا في الأحوال الدخيلة المضمرة. ومثال ذلك نية سيئة ونية حسنة. فالحقد، الحسد، التبييت، المكر، كل ذلك صفات سيئة ؛ فإياكم أن تقولوا إن التقوى للمدركات فقط ؛ بل للمحسات أيضا. وعمل القلوب له دخل في تقوى الله. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾