فائدة
قال ابن عاشور :
والتحريف : الميل بالشيء إلى الحرف، والحرف هو الجانب.
وقد كثر في كلام العرب استعارة معاني السير وما يتعلّق به إلى معاني العمل والهُدى وضدّه ؛ فمن ذلك قولهم : السلوك، والسيرة ؛ والسعي ؛ ومن ذلك قولهم : الصراط المستقيم، وصراطاً سوياً، وسواء السبيل، وجادّة الطريق، والطريقة الواضحة، وسواء الطريق ؛ وفي عكس ذلك قالوا : المراوغة، والانحراف، وقالوا : بنيَّات الطريق، ويعْبُد الله على حرف، ويشعِّبُ الأمور.
وكذلك ما هنا، أي يعدلون بالكلم النبويّة عن مواضعها فيسيرون بها في غير مسالكها، وهو تبديل معاني كتبهم السماوية.
وهذا التحريف يكون غالباً بسوء التأويل اتّباعاً للهوى، ويكون بكتمان أحكام كثيرة مجاراة لأهواة العامّة، قيل : ويكون بتبديل ألفاظ كتبهم.
وعن ابن عبّاس : ما يدلّ على أنّ التحريف فساد التأويل.
وقد تقدّم القول في ذلك عند قوله تعالى :﴿ من الّذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه ﴾ في سورة النساء ( ٤٦ ).
وجيء بالمضارع للدلالة على استمرارهم.
وجملة ونسوا حظّاً } معطوفة على جملة ﴿ يحرّفون ﴾.
والنسيان مراد به الإهمال المفضي إلى النسيان غالباً.
وعبّر عنه بالفعل الماضي لأنّ النسيان لا يتجدّد، فإذا حصل مضى، حتّى يُذكّره مُذكِّر.