﴿ العداوة والبغضاء ﴾ كائنة بينهم، ولا سبيل إلى جعله ظرفاً لهما، لأن المصدر لا يعمل فيما قبله، وقوله تعالى :﴿ إلى يَوْمِ القيامة ﴾ إما غاية للإغراء أو للعداوة والبغضاء، أي يتعادَوْن ويتباغضون إلى يوم القيامة حسبما تقتضيه أهواؤهم المختلفة وآراؤُهم الزائغة المؤدية إلى التفرق إلى الفرق الثلاثة، فضمير ( بينهم ) لهم خاصة، وقيل : لهم ولليهود، أي أغرينا العداوة والبغضاء بين اليهود والنصارى ﴿ وَسَوْفَ يُنَبّئُهُمُ الله بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ وعيد شديد بالجزاء والعذاب كقول الرجل لمن يتوعّده : سأخبرك بما فَعَلت، أي يجازيهم بما عملوه على الاستمرار من نقض الميثاق ونسيان الحظ الوافر مما ذُكِّروا به، و( سوف ) لتأكيد الوعيد، والالتفاتُ إلى ذكر الاسم الجليل لتربية المهابة وإدخال الروعة لتشديد الوعيد، والتعبيرُ عن العمل بالصنع للإيذان برسوخهم في ذلك، وعن المجازاة بالتنبئة للتنبيه على أنهم لا يعلمون حقيقةَ ما يعملونه من الأعمال السيئة واستتباعِها للعذاب، فيكونُ ترتيبُ العذاب عليها في إفادة العلم بحقيقة حالها بمنزلة الإخبار بها. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَمِنَ الذين قَالُواْ إِنَّا نصارى أَخَذْنَا ميثاقهم ﴾ شروع في بيان قبائح النصارى وجناياتهم إثر بيان قبائح وجنايات إخوانهم اليهود، و﴿ مِنْ ﴾ متعلقة بأخذنا، وتقديم الجار للاهتمام، ولأن ذكر ( حال ) إحدى الطائفتين مما يوقع في ذهن السامع أن حال الأخرى ماذا؟ كأنه قيل : ومن الطائفة الأخرى أيضاً أخذنا ميثاقهم والضمير المجرور راجع إلى الموصول، أو عائد على بني إسرائيل الذين عادت إليهم الضمائر السابقة، وهو نظير قولك : أخذت من زيد ميثاق عمرو أي مثل ميثاقه.