وقال النسفى :
﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الذين قَالُواْ إِنَّ الله هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ ﴾ معناه بت القول على أن الله هو المسيح لا غير.
قيل : كان في النصارى قوم يقولون ذلك، أو لأن مذهبهم يؤدي إليه حيث إنهم اعتقدوا أنه يخلق ويحيي ويميت ﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ الله شَيْئاً ﴾ فمن يمنع من قدرته ومشيئته شيئاً ﴿ إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ المسيح ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً ﴾ أي إن أراد أن يهلك من دعوه إلهاً من المسيح وأمه يعني أن المسيح عبد مخلوق كسائر العباد.
وعطف "من في الأرض جميعاً" على "المسيح وأمه" إبانة أنهما من جنسهم لا تفاوت بينهما وبينهم، والمعنى أن من اشتمل عليه رحم الأمومية متى يفارقه نقص البشرية، ومن لاحت عليه شواهد الحدثية أنى يليق به نعت الربوبية، ولو قطع البقاء عن جميع ما أوجد لم يعد نقص إلى الصمدية. أ هـ ﴿تفسير النسفى حـ ١ صـ ٢٧٦ ـ ٢٧٧﴾
وقال الآلوسى :
﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الذين قَالُواْ إِنَّ الله هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ ﴾ لا غير المسيح كما يقال : الكرم هو التقوى، وأن الله تعالى هو الدهر أي الجالب للحوادث لا غير الجالب، فالقصر هنا للمسند إليه على المسند بخلاف قولك : زيد هو المنطلق فإن معناه لا غير زيد، والقائلون لذلك على ما هو المشهور هم اليعقوبية المدعون بأن الله سبحانه قد يحل في بدن إنسان معين أو في روحه.


الصفحة التالية