لطيفة
قال العلامة مجد الدين الفيروزابادى :
واختلف فى اشتقاق المسيح فى صفة نبىّ الله، وكلمته: عيسى، وفى صفة عدوّ الله الدّجّال - أَخزاه الله - على أَقوال كثيرة تنيف على خمسين.
قال ابن دِحْية فى كتابه: "مَجْمع البحرين فى فوائد المشرقين والمغربين": فيها ثلاثة وعشرِون قولاً.
ولم أَرَ مَنْ جمعها قبلى ممّن رَحَل وجال، ولقى الرّجال.
قال مؤلِّف هذا الكتاب محمّد الفيروزابادى - تاب الله عليه - فأَضفت إِلى ما ذكره الحافظ من الوجوه الحسنة، والأَقوال البديعة، فتمّت بها خمسون وجهاً.
وبيانه أَن العلماءَ اختلفوا فى اللفظة هل هى عربيّة أَم لا.
فقال بعضهم: سريانيّة.
وأَصلها مشيحا - بالشين المعجمة - فعرّبها العرب.
وكذا ينطق بها اليهود.
قاله أَبو عُبيد.
وهذا القول الأَوّل.
والذين قالوا: إِنها عربية اختلفوا ما مادّتها.
فقيل: مِن (س ى ح) وقيل من (م س ح) ثمّ اختلفا، فقال الأَوّلون: مَفْعِل من ساح يسيح ؛ لأَنَّه يسيح فى بلدان الدنيا وأَقطار العالم جميعها، أَصلها: مَسْيح، فأَسكنت الياءُ، ونقلت حركتها إِلى السّين ؛ لاستثقالهم الكسرة على الياءِ.
وهذا القول الثانى.
وقال الآخرون: مسِيح: مشتقّ من مَسَح إِذا سار فى الأَرض وقطعها: فعيل بمعنى فاعل.
والفرق بين هذا وما قبله أَنْ هذا يختصّ بقطْع الأَرض، وذلك بقطع جميع البلاد.
وهذا الثالث.
والرّابع عن أَبى الحسن القابِسىّ، وقد سأَله أَبو عمرٍو الدانىّ: كيف يقرأ المَسِيح الدّجال؟ قال: بفتح الميم وتخفيف السّين، مثل المسيح ابن مريم، لأَنَّ عيسى عليه السّلام مُسِح بالبركة، وهذا مُسِحت عَيْنه.
الخامس قال أَبو الحسن: ومن الناس مَن يقرؤه بكسر الميم والسّين مثقِّلاً كسِكَّيت، فيفرُق بذلك بينهما.
وهو وجه.
وأَمّا أَنا فما أَقرؤه إِلاَّ كما أَخبرتك.
السّادس عن شيخه ابن بَشْكُوَال: أَنَّه قال: سمعت الحافظ أَبا عُمَر بن عبد البَرّ يقول: ومنهم من قال ذلك بالخاءِ المعجمة.