لطيفة
قال فى ملاك التأويل :
قوله تعالى :" قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن فى الأرض جميعا "
وفى سورة الفتح :
" قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا "،
للسائل أن يسأل عن زيداة "لكم "فى سورة الفتح وحذف ذلك فى سورة المائدة ؟
والجواب عن ذلك : أن فى آية المائدة عموم يستدعى الإطلاق وعدم التقييد بالمخاطبين وفى سورة الفتح خصوص يستدعى التخصيص بآية الخطاب للمواجهين به وذلك أن الاخبار فى سورة المائدة إنما هو النصارى قال تعالى :"لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم " وهذا حكاية قولهم ثم أعلم تعالى بقدرته وقهره للكل فقال : قل يا محمد من يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن فى الأرض جميعا أى من يدافع مراده فى خلقه إن أراد هلاكهم ثم ذكر سبحانه خلقه المقهورين من سكان الأرض فبدأ بالمسيح وأمه عليهما السلام ثم قال :"ومن فى الأرض جميعا " فعم الكل فلم يكن ليناسب هذا العموم أداة خطاب تخص.
أما آية الفتح فقبلها إخباره سبحانه عن المتخلفين عن غزوة الحديبية قال تعالى :"سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفرلنا " ثم أعلم تعالى نبيه عليه السلام والمؤمنين أن قول المخلفين قول بألسنتهم غير مطابق لما فى قلوبهم فقال تعالى : قل يا محمد من يملك لكم معشر المخلفين من الله شيئا أى من يدفع عنكم الضر إن أراده بكم أو يوصل إليكم النفع إن منعه عنكم فالإخبار إنما هو عنهم وتقدير النفع والضر مرفوعا أو لاحقا خاص بهم لم يرد بذلك غيرهم فورد بخطاب المواجهة فقال "لكم " ولم يكن بد من ذلك ليعلم أن الإخبار عنهم والخطاب بما بعد لهم فجاء كل على ما يناسب ويجب ولا يتصور فيه العكس والله أعلم. أ هـ
ثم قال ابن الزبير الغرناطى ـ رحمه الله ما نصه :


الصفحة التالية
Icon