إنها حقيقة يجدها المؤمن في قلبه وفي كيانه وفي حياته وفي رؤيته وتقديره للأشياء والأحداث والأشخاص.. يجدها بمجرد أن يجد حقيقة الإيمان في قلبه.. ﴿ نور ﴾ نور تشرق به كينونته فتشف وتخف وترف. ويشرق به كل شيء أمامه فيتضح ويتكشف ويستقيم.
ثقلة الطين في كيانه، وظلمة التراب، وكثافة اللحم والدم، وعرامة الشهوة والنزوة.. كل أولئك يشرق ويضيء ويتجلى.. تخف الثقلة، وتشرق الظلمة، وترق الكثافة، وترف العرامة..
واللبس والغبش في الرؤية، والتأرجح والتردد في الخطوة، والحيرة والشرود في الاتجاه والطريق البهيم الذي لا معالم فيه.. كل أولئك يشرق ويضيء ويتجلى.. يتضح الهدف ويستقيم الطريق إليه وتستقيم النفس على الطريق..
﴿ نور. وكتاب مبين ﴾.. وصفان للشيء الواحد.. لهذا الذي جاء به الرسول الكريم..
﴿ يهدي به الله - من اتبع رضوانه - سبل السلام. ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم ﴾.
لقد رضي الله الإسلام ديناً.. وهو يهدي من يتبع رضوانه هذا ويرتضيه لنفسه كما رضيه الله له.. يهديه.. ﴿ سبل السلام ﴾..
وما أدق هذا التعبير وأصدقه ؛ إنه ﴿ السلام ﴾ هو ما يسكبه هذا الدين في الحياة كلها.. سلام الفرد. وسلام الجماعة. وسلام العالم.. سلام الضمير، وسلام العقل، وسلام الجوارح.. سلام البيت والأسرة، وسلام المجتمع والأمة، وسلام البشر والإنسانية.. السلام مع الحياة. والسلام مع الكون. والسلام مع الله رب الكون والحياة.. السلام الذي لا تجده البشرية - ولم تجده يوماً - إلا في هذا الدين ؛ وإلا في منهجه ونظامه وشريعته، ومجتمعه الذي يقوم على عقيدته وشريعته.