نصيب له في ملكوت الله تعالى واحذروا هذه الشرور فمن أجلها يأتي رجز الله على الأبناء الذين لا يطيعونه، وإياكم أن تكونوا شركاء لهم فقد كنتم قبل في ظلمة فاسعوا الآن سعي أبناء النور.
ومقصود الفريقين ب ﴿ نَحْنُ أَبْنَاء الله وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ هو المعنى المتضمن مدحاً، وحاصل دعواهم أن لهم فضلاً ومزية عند الله تعالى على سائر الخلق، فرد سبحانه عليهم ذلك، وقال لرسول الله ﷺ :﴿ قُلْ ﴾ إلزاماً لهم وتبكيتاً ﴿ فَلِمَ يُعَذّبُكُم بِذُنُوبِكُم ﴾ أي إن صح ما زعمتم فلأي شيء يعذبكم يوم القيامة بالنار أياماً بعدد أيام عبادتكم العجل، وقد اعترفتم بذلك في غير ما موطن، وهذا ينافي دعواكم القرب ومحبة الله تعالى لكم أو محبتكم له المستلزمة لمحبته لكم كما قيل : ما جزاء من يحب إلا يحب، أو فلأيّ شيء أذنبتم بدليل أنكم ستعذبون، وأبناء الله تعالى إنما يطلق إن أطلق في مقام الافتخار على المطيعين كما نطقت به كتبكم، أو إن صح ما زعمتم فلم عذبكم بالمسخ الذي لا يسعكم إنكاره، وعدّ بعضهم من العذاب البلايا والمحن كالقتل والأسر، واعترض ذلك بأنه لا يصلح للإلزام فإن البلايا والمحن قد كثرت في الصلحاء، وقد ورد "أشد الناس بلاءاً الأنبياء عليهم السلام ثم الأمثل فالأمثل"، وقال الشاعر :
ولكنهم أهل الحفائظ والعلا...
فهم لملمات الزمان خصوم
وقوله تعالى : بَلْ أَنتُم بَشَرٌ عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام أي ليس الأمر كذلك ﴿ بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ ﴾ وإن شئت قدرت مثل هذا في أول الكلام وجعلت الفاء عاطفة، وقوله سبحانه :﴿ مّمَّنْ خَلَق ﴾ متعلق بمحذوف وقع صفة ﴿ بُشّرَ ﴾ أي بشر كائن من جنس من خلقه الله تعالى من غير مزية لكم عليهم.