قال المفسرون : لما بعث موسى عليه السلام النقباء لأجل التجسس رآهم واحد من أولئك الجبارين فأخذهم وجعلهم في كمه مع فاكهة كان قد حملها من بستانه وأتى بهم الملك، فنثرهم بين يديه وقال متعجباً للملك : هؤلاء يريدون قتالنا، فقال الملك : ارجعوا إلى صاحبكم وأخبروه بما شاهدتم، ثم انصرف أولئك النقباء إلى موسى عليه السلام فأخبروه بالواقعة، فأمرهم أن يكتموا ما عاهدوه فلم يقبلوا قوله، إلا رجلان منهم، وهما يوشع بن نون وكالب بن يوفنا، فإنهما سهلا الأمر وقالا : هي بلاد طيبة كثيرة النعم، والأقوام وإن كانت أجسادهم عظيمة إلا أن قلوبهم ضعيفة، وأما العشرة الباقية فقد أوقعوا الجبن في قلوب الناس حتى أظهروا الامتناع من غزوهم، فقالوا لموسى عليه السلام ﴿إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هاهنا قاعدون﴾ [ المائدة : ٢٤ ] فدعا موسى عليه السلام عليهم فعاقبهم الله تعالى بأن أبقاهم في التيه أربعين سنة.
قالوا : وكانت مدة غيبة النقباء للتجسس أربعين يوماً فعوقبوا بالتيه أربعين سنة، ومات أولئك العصاة في التيه، وأهلك النقباء العشرة في التيه بعقوبات غليظة.
ومن الناس من قال : إن موسى وهارون عليهما السلام ماتا أيضاً في التيه : ومنهم من قال : إن موسى عليه السلام بقي وخرج معه يوشع وكالب وقاتلوا الجبارين وغلبوهم ودخلوا تلك البلاد، فهذه هي القصة والله أعلم بكيفية الأمور. (١) أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٥٦ ـ ١٥٧﴾
_________
(١) أكثر هذه الروايات من أساطير التوراة المحرفة والله أعلم. وهذا الموضع من المواضع النادرة التى لم يردها الفخر ـ رحمه الله ـ ولم يبين عورها لكنه فوض الأمر فى علمها إلى الله تعالى.