ويروي ابن جرير بسنده، عن مجاهد نحوا مما قدمنا، ثم يذكر أن عنقود عنبهم لا يحمله إلا خمسة أنفس، بينهم في خشبة ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبها خمسة أنفس وأربعة١، إلى غير ذلك من الإسرائيليات الباطلة.
خرافة عوج بن عوق :
ومن الإسرائيليات الظاهرة البطلان، التي ولِعَ بذكرها بعض المفسرين والأخباريين، عند ذكر الجبارين : قصة عوج بن عوق، وأنه كان طوله ثلاثة آلاف ذراع، وأنه كان يمسك الحوت، فيشويه في عين الشمس، وأن طوفان نوح لم يصل إلى ركبتيه، وأنه امتنع عن ركوب السفينة مع نوح، وأن موسى كان طوله عشرة أذرع وعصاه عشرة أذرع، ووثب في الهواء عشرة أذرع، فأصاب كعب عوج فقتله، فكان جسرًا لأهل النيل سنة إلى نحو ذلك من الخرافات، والأباطيل التي تصادم العقل والنقل، وتخالف سنن الله في الخليقة، ولا أدري كيف يتفق هذا الباطل، هو وقول الله تبارك وتعالى :﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ، قَالَ سَآوي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾.
اللهم إلا إذا كان عوج أطول من جبال الأرض!!
فمن تلك الرويات الباطلة المخترعة : ما رواه ابن جرير بسنده عن أسباط، عن السدي، في قصة ذكرها من أمر موسى وبني إسرائيل وبعث موسى النقباء الاثني عشر، وفيها : فلقيهم رجل من الجبارين يقال له : عوج، فأخذ الاثني عشر فجعلهم في حجزته (١)، وعلى رأسه حملة حطب، وانطلق بهم إلى امرأته، فقال : انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا،
______
(١) الحجزة : موضع التكة من السروال.