لطيفة
قال العلامة مجد الدين الفيروزابادى :
( بصيرة فى الجبار والجبر )
وقد ورد الجبّار فى القرآن على أَربعة أَوجهٍ:
الأَوّل: بمعنى القهَّار ﴿الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ﴾ وقيل: هذا من قولهم جَبَرتُ الفقير، لأَنَّه يَجْبر النَّاس بفائض نِعَمه ﴿وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ﴾.
الثانى: بمعنى القَتَّال بغير حقّ ﴿وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾ ﴿إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ﴾ ﴿يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ أَى قَتَّال.
الثالث: بمعنى الزيادة فى القُوّة والشدّة وطول القَدّ والقامة ﴿إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ﴾ أَى أَقوياء عِظَام الأَجسام.
ومنه نخلةٌ جَبَّارة.
الرّابع: بمعنى المتكبّر ﴿وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً﴾ ﴿وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً﴾ أَى متكبراً ﴿وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾.
والمادّة موضوعة لإِصلاح الشئِ بضرب من القهر.
يقال: جبرته فانجبر واجتبر.
وقد قيل، جَبَرته فجَبَر، قال الشاعر:
*قد جَبَرَ الدينَ الإِلهُ فَجَبَرْ*
وقيل الثَّانى تأْكيد للأَوّل أَى قَصَد جَبْره فتمَم جَبْرَه.
وقد يستعمل الجَبْر فى الإِصلاح المجرّد ؛ كقول أَمير المؤمنين على: يا جابرَ كل كسير، ومُسَهِّلَ كلّ عسيرٍ، ومنه قولهم للخُبْز: جابر بن حَبَّة.
ويستعمل تارة فى القهر المجرّد نحو قوله صلَّى الله عليه وسلَّم "لا جَبْر ولا تفويض".
والجَبْرُ فى الحساب: إِلحاق شيءٍ به إِصلاحاً لما يريد إِصلاحه.
وسمّى السّلطان جَبْراً كقول الشاعر:
*وانعم صباحاً أَيّها الجَبْر*
لقهره النَّاس على ما يريده أَو لإِصلاح أُمورهم.
والإِجبار فى الأَصل حَمل الغير على أَن يَجبر الأَمر، لكن تعورف فى الإِكراه المجرد فقيل: أَجبرته على كذا، كقولك: أَكرهته.
وسُمّى الذين يدَّعون أَن الله يُكره العباد على المعاصى فى عرف المتكلِّمين مُجْبِرة.


الصفحة التالية
Icon