ولما كان المعنى : فلا تقولوا ذلك، سبب عنه قوله :﴿فقد جاءكم﴾ أي من هو متصف بالوصفين معاً فهو ﴿بشير ونذير﴾ أي كامل في كل من الوصفين وإن تباينا ؛ ولما كان ربما كان توهم أحد من ترك الإرسال زمن الفترة، ومن ترك التعذيب بغير حجة الإرسال، وبالعدول عن بني إسرائيل إلى بني إسماعيل شيئاً في القدرة، قال كاشفاً لتلك الغمة :﴿والله﴾ أي جاءكم والحال أن الملك الذي له الكمال كله ﴿على كل شيء﴾ أي من أن يرسل في كل وقت وأن يترك ذلك، وأن يهدي بالبيان وأن يضل، ومن أن يعذب ولا يقبل عذراً وأن يغفر كل شيء وغير ذلك ﴿قدير﴾ وفي الختم بوصف القدرة واتباعه تذكيرهم ما صاروا إليه من العز بالنبوة والملك بعدما كانوا فيه من الذل بالعبودية والجهل إشارة إلى أن إنكارهم لأن يكون من ولد إسماعيل عليه السلام نبي يلزم منه إنكارهم للقدرة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٢٢ ـ ٤٢٣﴾
فصل
قال الفخر :
في قوله ﴿يُبَيّنُ لَكُمْ﴾ وجهان :
الأول : أن يقدر المبين، وعلى هذا التقدير ففيه وجهان : أحدهما : أن يكون ذلك المبين هو الدين والشرائع، وإنما حسن حذفه لأن كل أحد يعلم أن الرسول إنما أرسل لبيان الشرائع، وثانيها : أن يكون التقدير يبين لكم ما كنتم تخفون، وإنما حسن حذفه لتقدم ذكره.
الوجه الثاني : أن لا يقدر المبين ويكون المعنى يبين لكم البيان، وحذف المفعول أكمل لأن على هذا التقدير يصير أعم فائدة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ﴾
وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ يا أَهْلِ الكتاب ﴾ يعني يا أهل التوراة والإنجيل، وإنما أضافهم إلى الكتاب والله أعلم على وجه التعيير، يعني أنتم أهل الكتاب فلم لا تعملون بكتابكم؟ كقوله : يا عاقل لم لا تفعل كذا وكذا، وإنما تذكر العقل على معنى التعيير أي إنك لا تعمل عمل العقلاء.