ولما كان التقدير : لأنه مالك خلقه وملكهم لا اعتراض عليه في شيء من أمره، عطف عليه قوله نقضاً ثالثاً بما هو أعم مما قبله فقال :﴿ولله﴾ أي الذي له الأمر كله، فلا كفوء له ﴿ملك السماوات﴾ وقدمها لشرفها دلالة على ملك غيرها من باب أولى، وصرح بقوله :﴿والأرض وما بينهما﴾ أي وأنتم مما بينهما، وقد اجتمع بذلك مع المُلكِ والإبداعِ المِلكُ والتصريف والتصرف التام، وذلك هو الغنى المطلق، ومن كان كذلك لم يكن محتاجاً إلى شيء من ولد ولا غيره، ولا يكون لأحد عليه حق، ولا يسوغ عليه اعتراض.
ولما كان التقدير : فمنه وحده الابتداء، عطف عليه قوله :﴿وإليه﴾ أي وحده ﴿المصير﴾ أي الصيرورة والرجوع وزمان ذلك ومكانه معنى في الدنيا بأنه لا يخرج شيء عن مراده، وحساً في الآخرة، فيحكم بين مصنوعاته على غاية العدل - كما هو مقتضى الحكمة وشأن كل ملك في إقامة ملكه بإنصاف بعض عبيده من بعض، لا يجوز عنده في موجب السياسة إطلاق قويهم على ضعيفهم، فإن ذلك يؤدي إلى خراب الملك وضعف الملك، فإذا كان هذا شأن الملوك في العبيد الناقصين فما ظنك بأحكم الحاكمين! فإذا عاملهم كلهم بالعدل أسبغ على من يريد ملابس الفضل. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٢٠ ـ ٤٢٢﴾
فصل
قال الفخر :
قوله تعالى :﴿وَقَالَتِ اليهود والنصارى نَحْنُ أَبْنَاء الله وَأَحِبَّاؤُهُ﴾
وفيه سؤال : وهو أن اليهود لا يقولون ذلك ألبتة، فكيف نقل هذا القول عنهم ؟ وأما النصارى فإنهم يقولون ذلك في حق عيسى لا في حق أنفسهم، فكيف يجوز هذا النقل عنهم ؟
أجاب المفسرون عنه من وجوه :