وقال الأستاذ النحرير الشيخ محمد عبده مفتي مصر في " رسالة التوحيد " في بحث رسالة نبينا ﷺ ما نصّه : ليس من غرضنا في هذه الوريقات أن نلمّ بتاريخ الأمم عامة، وتاريخ العرب خاصة، في زمن البعثة المحمدية، لنبين كيف كانت حاجة سكان الأرض ماسّة إلى قارعة تهزّ عروش الملوك، وتزلزل قواعد سلطانهم الغاشم، وتخفض من أبصارهم المعقودة بعنان السماء، إلى من دونهم من رعاياهم الضعفاء. وإلى ناٍر تنقض من سماء الحق على أدم الأنفس البشرية لتأكل ما اعشوشبت به من الأباطيل القاتلة للعقول. وصيحة فصحى تزعج الغافلين، وترجع بألباب الذاهلين، وتنبه المرؤوسين إلى أنهم ليسوا بأبعد عن البشرية من الرؤساء الظالمين، والهداة الضالين، والقادة الغارّين، وبالجملة تؤوب بهم إلى رشد يقيهم الإنسان على الطريق التي سنّها الإله :﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾ [ الإنسان : ٣ ]. ليبلغ بسلوكها كماله، ويصل على نهجها إلى ما أُعدّ في الدارين له. ولكنا نستعير من التاريخ كلمةً يفهمها من نظر فيها اتفق عليه مؤرّخو ذلك العهد، نظر إمعانٍ وإنصافٍ.


الصفحة التالية
Icon