إِطْلَاقِهَا، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَ لِأَهْلِ الْكِتَابِ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْمَسَائِلِ، الَّتِي كَانُوا يُخْفُونَهَا مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِمْ، مِنْهَا حُكْمُ رَجْمِ الزَّانِي، وَهُوَ مِمَّا حَفِظُوهُ مِنْ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ (كَمَا تَرَاهُ فِي ٢٢ : ٢٠ - ٢٤ مِنْ سِفْرِ التَّثْنِيَةِ) وَلَمْ يَلْتَزِمُوا الْعَمَلَ بِهِ، وَأَنْكَرُوهُ أَمَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْسَمَ عَلَى عَالِمِهِمُ ابْنِ صُورِيَا وَنَاشَدَهُ اللهَ حَتَّى اعْتَرَفَ بِهِ. فَهَذَا مِمَّا كَانُوا يُخْفُونَهُ عِنْدَ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ أَوِ الْفَتْوَى، وَكَذَلِكَ أَخْفَوْا صِفَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْبِشَارَاتِ بِهِ، وَحَرَّفُوهَا بِالْحَمْلِ عَلَى مَعَانٍ أُخْرَى، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَهَذَا النَّوْعُ غَيْرُ مَا أَضَاعُوهُ مِنْ كُتُبِهِمْ وَنَسُوهُ أَلْبَتَّةَ ; كَنِسْيَانِ الْيَهُودِ مَا جَاءَ فِي التَّوْرَاةِ مِنْ خَبَرِ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ فِي الْآخِرَةِ، وَمَا أَظْهَرَهُ لَهُمُ الرَّسُولُ مِمَّا كَانُوا يُخْفُونَهُ عَنْهُ وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ - كَانَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِيهِ أَقَوَى ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ أُمِّيٌّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ كُتُبِهِمْ ; وَلِهَذَا
آمَنَ مَنْ آمَنَ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ الْمُنْصِفِينَ، وَاعْتَرَفُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ بِمَا بَقِيَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْبِشَارَاتِ وَصِفَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


الصفحة التالية
Icon