تُقَابِلُ الْكَلِمَةَ فِي (يو ص ١) وَرُبَّمَا تُشِيرُ إِلَى الْأُقْنُومِ الثَّانِي، وَتُطْلَقُ نُعُوتُ الْقَدِيرِ عَلَى كُلِّ أُقْنُومٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ عَلَى حِدَتِهِ " انْتَهَى بِحُرُوفِهِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ الْعَهْدَ الْقَدِيمَ ; أَيْ كُتُبَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ الْمَسِيحِ، لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ ظَاهِرٌ وَلَا خَفِيٌّ فِي عَقِيدَةِ التَّثْلِيثِ ; لِأَنَّهَا عَقِيدَةٌ وَتَثْنِيَةٌ مَحْضَةٌ. وَمِنْ أَغْرَبِ التَّكَلُّفِ تَفْسِيرُ " الْحِكْمَةِ " فِي أَمْثَالِ سُلَيْمَانَ، بِـ " الْكَلِمَةِ " بِالْمَعْنَى الَّذِي يُرِيدُونَهُ، وَهُوَ وَهْمٌ لَمْ يَخْطُرْ فِي بَالِ سُلَيْمَانَ وَلَا الْمَسِيحِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَسَتَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ اسْتِعْمَالَ الْكَلِمَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي كَلَامِ يُوحَنَّا، وَقَدْ كَانَ جَمِيعُ أَنْبِيَاءِ اللهِ تَعَالَى مُوَحِّدِينَ، أَعْدَاءً لِلْوَثَنِيَّةِ وَالْوَثَنِيِّينَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : إِنِ التَّوْحِيدَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ أَيْضًا، وَالتَّثْلِيثَ فِيهِ هُوَ الْخَفِيُّ ; فَإِنَّ الْعَقِيدَةَ الَّتِي يَدْعُو إِلَيْهَا دُعَاةُ النَّصْرَانِيَّةِ، وَالْعِبَارَاتِ الَّتِي يَذْكُرُونَهَا فِي أُلُوهِيَّةِ الْمَسِيحِ وَالتَّثْلِيثِ لَا تُفْهَمُ كُلُّهَا مِنَ
الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، بَلْ هُنَالِكَ عِبَارَاتٌ يَتَحَكَّمُونَ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرْحِهَا كَمَا يَهْوَوْنَ عَلَى خِلَافٍ شَهِيرٍ فِيهَا بَيْنَ مُتَقَدِّمِيهِمْ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ.


الصفحة التالية
Icon