ثم إنه تعالى أبطل عليهم دعواهم وقال :﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذّبُكُم بِذُنُوبِكُم﴾ وفيه سؤال، وهو أن حاصل هذا الكلام أنهم لو كانوا أبناء الله وأحباءه لما عذبهم لكنه عذبهم، فهم ليسوا أبناء الله ولا أحباءه، والاشكال عليه أن يقال : إما أن تدعوا أن الله عذبهم في الدنيا أو تدعوا أنه سيعذبهم في الآخرة، فإن كان موضع الإلزام عذاب الدنيا فهذا لا يقدح في ادعائهم كونهم أحباء الله لأن محمداً ﷺ كان يدعي أنه هو وأمته أحباء الله، ثم أنهم ما خلوا عن محن الدنيا.
انظروا إلى وقعة أحد، وإلى قتل الحسن والحسين، وإن كان موضع الإلزام هو أنه تعالى سيعذبهم في الآخرة فالقوم ينكرون ذلك.
ومجرد إخبار محمد ﷺ ليس بكاف في هذا الباب، إذ لو كان كافياً لكان مجرد إخباره بأنهم كذبوا في ادعائهم أنهم أحباء الله كافياً، وحينئذ يصير هذا الاستدلال ضائعاً.
والجواب من وجوه :
الأول : أن موضع الإلزام هو عذاب الدنيا، والمعارضة بيوم أحد غير لازمة لأنه يقول : لو كانوا أبناء الله وأحباءه لما عذبهم الله في الدنيا، ومحمد عليه الصلاة والسلام ادعى أنه من أحباء الله ولم يدع أنه من أبناء الله فزال السؤال.


الصفحة التالية
Icon