ثم قال :﴿فافرق بَيْنَنَا وَبَيْنَ القوم الفاسقين﴾ يعني فافصل بيننا وبينهم بأن تحكم لنا بما نستحق وتحكم عليهم بما يستحقون، وهو في معنى الدعاء عليهم، ويحتمل أن يكون المراد خلصنا من صحبتهم، وهو كقوله ﴿وَنَجّنِى مِنَ القوم الظالمين﴾ [ القصص : ٢١ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٥٩﴾
قال القرطبى :
﴿ فافرق بَيْنَنَا وَبَيْنَ القوم الفاسقين ﴾ يُقال : بأي وجه سأله الفرق بينه وبين هؤلاء القوم؟ ففيه أجوبة ؛ الأوّل بما يدل على بعدهم عن الحق، وذهابهم عن الصواب فيما ارتكبوا من العصيان ؛ ولذلك ألقوا في التّيه.
الثاني بطلب التمييز أي ميزنا عن جماعتهم وجملتهم ولا تلحقنا بهم في العقاب، وقيل المعنى : فاقضِ بيننا وبينهم بعصمتك إيانا من العصيان الذي ابتليتهم به ؛ ومنه قوله تعالى :﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [ الدخان : ٤ ] أي يقضى.
وقد فعل لما أماتهم في التّيه.
وقيل : إنما أراد في الآخرة، أي اجعلنا في الجنة ولا تجعلنا معهم في النار ؛ والشاهد على الفرق الذي يدل على المباعدة في الأحوال قول الشاعر :
يا ربِّ فافرق بينه وبيني...
أشدّ ما فَرَّقتَ بين اثنين
وروى ابن عُيَيْنة عن عمرو بن دِينار عن عبيد بن عمير أنه قرأ :"فافرق" بكسر الراء. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon