ومن فوائد ابن عطية فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ قال فإنها محرمة ﴾ المعنى قال الله، وأضمر الفاعل في هذه الأفعال كلها إيجازاً لدلالة معنى الكلام على المراد، وحرم الله تعالى على جميع بني إسرائيل دخول تلك المدينة ﴿ أربعين سنة ﴾ وتركهم خلالها ﴿ يتيهون في الأرض ﴾ أي في أرض تلك النازلة، وهو فحص التيه وهو على ما يحكى طول ثمانين ميلاً في عرض ستة فراسخ، وهو ما بين مصر والشام، ويروى أنه اتفق أنه مات كل من كان قال إنّا لن ندخلها أبداً، ولم يدخل المدينة أحد من ذلك الجيل إلا يوشع وكالوث، ويروى أن هارون عليه السلام مات في فحص التيه في خلال هذه المدة ولم يختلف فيها، وروي أن " موسى " عليه السلام مات فيه بعد هارون بثمانية أعوام، وقيل بستة أشهر ونصف، وأن يوشع نبيء بعد كمال " الأربعين سنة " وخرج ببني إسرائيل وقاتل الجبارين وفتح المدينة، وفي تلك الحرب وقفت له الشمس ساعة حتى استمر هزم الجبارين، وروي أن " موسى " عليه السلام عاش حتى كملت الأربعون وخرج بالناس وحارب الجبارين ويوشع وكالب على مقدمته، وأنه فتح المدينة وقتل بيده عوج بن عناق، يقال كان في طول " موسى " عشرة أذرع وفي طول عصاه عشرة أذرع، ونزل من الأرض في السماء عشرة أذرع، وحينئذ لحق كعب عوج فضربه بعصاه في كعبه فخر صريعاً، ويروى أن عوجاً اقتلع صخرة ليطرحها على عسكر بني إسرائيل فبعث الله هدهداً بحجر الماس فأداره على الصخرة فتقورت ودخلت في عنق عوج، وضربه " موسى " فمات، وحكى الطبري أن طول عوج ثمانمائة ذراع، وحكي عن ابن عباس أنه قال لما خر كان جسراً على النيل سنة.


الصفحة التالية
Icon