من فوائد الإمام الجصاص فى الآية
قال رحمه الله :
قَوْله تَعَالَى :﴿ قَالَ رَبِّ إنِّي لَا أَمْلِكُ إلَّا نَفْسِي وَأَخِي ﴾ هَذَا مَجَازٌ ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَلَا أَخَاهُ الْحُرَّ عَلَى الْحَقِيقَةِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ الْقُدْرَةُ وَمُحَالٌ أَنْ يَقْدِرَ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَخِيهِ، ثُمَّ أُطْلِقَ اسْمُ الْمِلْكِ عَلَى التَّصَرُّفِ فَجُعِلَ الْمَمْلُوكُ فِي حُكْمِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ ؛ إذْ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَرِّفَهُ تَصَرُّفَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ ؛ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ هَهُنَا أَنَّهُ يَمْلِكُ تَصْرِيفَ نَفْسِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَأَطْلَقَهُ عَلَى أَخِيهِ أَيْضًا ؛ إذْ كَانَ يَتَصَرَّفُ بِأَمْرِهِ وَيَنْتَهِي إلَى قَوْلِهِ ؛ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَا أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ بِنَفْسِهِ وَذَاتِ يَدِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ ﴾ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ : هَلْ أَنَا وَمَالِي إلَّا لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ يَعْنِي إنِّي مُتَصَرِّفٌ حَيْثُ صَرَفْتنِي وَأَمْرُك جَائِزٌ فِي مَالِي.
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ :﴿ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك ﴾ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٣ صـ ﴾