ولقد كان ملك الفرس ودولتهم أعظم من ملك بني إسرائيل بكثير، يشهد لذلك : ما كان من غلبة بختنصر لهم، والتهامه بلادهم، واستيلائه على أمرهم، وتخريب بيت المقدس قاعدة ملتهم، وسلطانهم وهو من بعض عمال مملكة فارس..... وكانت ممالكهم بالعراقين، وخراسان، وما وراء النهر، والأبواب أوسع من ممالك بني إسرائيل بكثير، ومع ذلك لم تبلغ جيوش الفرس قط مثل هذا العدد ولا قريبا منه، وأعظم ما كانت جموعهم بالقادسية مائة وعشرين ألفا، كلهم متبوع على ما نقله "سيف" قال : وكانوا في أتباعهم أكثر من مائتي ألف، وعن عائشة، والزهري : أن جموع رستم التي حف بهم سعد بالقادسية إنما كانوا ستين ألفا كلهم متبوع.
وأيضا : فلو بلغ بنو إسرائيل مثل هذا العدد، لاتسع نطاق ملكهم، وانفسح مدى دولتهم، فإن العمالات، والممالك في الدول على نسبة الحامية، والقبيل القائمين بها في قلتها وكثرتها حسبما نبين ذلك في فصل الممالك من الكتاب الأول (١)،
_______
(١) يريد بالكتاب الأول "مقدمته المشهورة" وقد قسمها إلى فصول.
والقوم لم تتسع ممالكهم إلى غير الأردن، وفلسطين من الشام، وبلاد يثرب، وخيبر، من الحجاز على ما هو المعروف.