وقيل : إن فسرنا ذلك التحريم بتحريم التعبد زال هذا الإشكال لاحتمال أن الله ما حرم عليهم الخورج من تلك الأرض بل أمر بالمكث أربعين سنة في المشقة والمحنة جزاء لهم على سوء صنيعهم ومخالفتهم أمر الله ولما حصل بنو إسرائيل في التيه شكوا إلى موسى عليه السلام حالهم فأنزل الله عليهم المن والسلوى وأُعطوا من الكسوة ما هي قائمة لهم فينشأ الناشىء منهم فتكون معه على مقداره وهيئته وسأل موسى ربه أن يسقيهم فأتى بحجر أبيض من جبل الطور فكان إذا نزل ضربه بعصاه فيخرج منه اثنتا عشرة عيناً لكل سبط منهم عين وأرسل الله عليهم الغمام يظلُّهم في التيه ومات في التيه كل من دخله ممن جاوز عشرين سنة غير يوشع بن نون وكالب بن يوفنا ولم يدخل أريحاء ممن قال : إنا لن ندخلها أبداً واختلفوا في أن موسى عليه السلام مات في التيه أم خرج منه فقيل : إن موسى وهارون ماتا في التيه جميعاً.
( قصة وفاة موسى وهارون عليهما السلام )
فأما هارون فإنه كان أكبر من موسى بسنة.
قال السدي : أوحى الله عز وجل إلى موسى إني متوفى هارون فأت به جبل كذا وكذا فانطلق موسى وهارون نحو ذلك الجبل فإذا بشجرة لم ير مثلها وإذا ببيت مبني وفيه سرير عليه فراش وفيه رائحة طيبة فلما رأى هارون ذلك البيت أعجبه، وقال : يا موسى إني أحب أن أنام على هذا السرير.
قال : نم.
قال : إني أخاف أن يأتي رب هذا البيت فيغضب عليّ.
قال : لا تخف إني أكفيك ربِّ هذا البيت فنم.
قال : يا موسى فنم أنت معي فإن جاء رب هذا البيت غضب عليّ وعليك جميعاً.
فلما ناما أخذ هارون الموت فلما وجد مسه قال : يا موسى خدعتني فلما قبض هارون رفع البيت والسرير إلى السماء وهارون عليه وذهبت الشجرة فرجع موسى إلى بني إسرائيل وليس هارون معه فقال بنو إسرائيل حسد موسى هارون فقتله لحبنا إياه.


الصفحة التالية
Icon