جاء في سفر " العدد " في الفصل الثالث عشر : إن شعب بني إسرائيل لمّا ارتحلوا من حَصِيروت ونزلوا ببريّة فاران، كلم الرب موسى بأن يبعث رجالاً يجسّون أرض كنعان. من كل سبط رجلاً واحداً، وكلهم يكونون من رؤساء بني إسرائيل، فأرسلهم موسى وأمرهم أن ينظروا إلى الأرض. أجيدة أم رديئة ؟ وإلى أهلها، أشديدون أم ضعفاء ؟ قليلون أم كثيرون ؟ وأن يوافوه بشيءٍ من ثمرها. فساروا واجتسّوا الأرض من برية صِينَ إلى رَحُوبَ عند مدخل حماة، ثم رجعوا بعد أربعين يوماً. وكان موسى وقومه في برية فاران في قاديش، فأروهم ثمر الأرض، وقصّوا عليهم ما شاهدوه من جودة الأرض، وأنها تدرّ لبناً وعسلاً. ومن شدة أهلها وقوتهم وتحصن مدنهم ؛ فاضطرب قوم موسى. فأخذ كالبُ -أحد النقباء -يسكتهم عن موسى ويقول : نصعد ونرث الأرض فإنا قادرون عليها. وخالفه بقية النقباء وقالوا : لا نقدر أن نصعد إليهم لأنهم أشدّ منّا. وهوّلوا على بني إسرائيل الأمر وقالوا : شاهدنا أناساً طوال القامات، سيما بني عَناقَ. فصرنا في عيوننا كالجراد. وكذلك كنا في عيونهم. فعند ذلك ضجّ قوم موسى ورفعوا أصواتهم وبكوا وقالوا : ليتنا متنا في أرض مصر أو في هذه البرية. ولا تكون نساؤنا وأطفالنا غنيمة للجبابرة. وخير لنا أن نرجع إلى مصر. وقالوا : لنًقِمْ لنا رئيساً ونرجع إلى مصر. فلما شاهد موسى ذلك منهم وقع هو وأخوه هارون على وجوههما أمام الإسرائيليين. ومزق، من النقباء، يوشع بن نون وكالب ثيابهما. وكلَّما بني إسرائيل قائلين : إن الأرض التي مررنا فيها جيدة، وإذا كان ربنا راضياً عنا فإنه يدخلنا إياها. فلا تتمردوا ولا تخافوا أهلها فسيكونون طعمة لنا. إذ الرب معنا فلما سمع بنوا إسرائيل كلام يوشع وكالب قالوا : لِيُرْجَمَا بالحجارة، وكاد حينئذ أن يحيق ببني إسرائيل العذاب الإلهيّ، لولا تضرع موسى إلى ربه بأن يعفو عنهم، كيلا يكونوا أحدوثة عند أعدائهم