فصل


قال الآلوسى :
﴿ قَالُواْ ﴾ غير مبالين بهما وبمقالتهما مخاطبين لموسى عليه السلام إظهاراً لإصرارهم على القول الأول وتصريحاً بمخالفتهم له عليه السلام ﴿ يا موسى إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَا ﴾ أي أرض الجبابرة فضلاً عن الدخول عليهم وهم في بلدهم ﴿ أَبَدًا ﴾ أي دهراً طويلاً، أو فيما يستقبل من الزمان كله ﴿ مَّا دَامُواْ فِيهَا ﴾ أي في تلك الأرض، وهو بدل من ﴿ أَبَدًا ﴾ بدل البعض ؛ وقيل : بدل الكل من الكل، أو عطف بيان لوقوعه بين النكرتين ؛ ومثله في الابدال قوله :
وأكرم أخاك الدهر ( ما دمتما ) معا...
كفى بالممات فرقة وتنائيا
فإن قوله :"ما دمتما" بدل من الدهر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿اذهب أَنتَ وَرَبُّكَ﴾

فصل


قال الفخر :
في قوله ﴿اذهب أَنتَ وَرَبُّكَ﴾ وجوه :
الأول : لعلّ القوم كانوا مجسمة، وكانوا يجوزون الذهاب والمجيء على الله تعالى.
الثاني : يحتمل أن لا يكون المراد حقيقة الذهاب بل هو كما يقال : كلمته فذهب يجيبني، يعني يريد أن يجيبني، فكأنهم قالوا : كن أنت وربك مريدين لقتالهم، والثالث : التقدير : اذهب أنت وربك معين لك بزعمك فأضمر خبر الابتداء.
فإن قيل : إذا أضمرنا الخبر فكيف يجعل قوله ﴿فَقَاتِلا﴾ خبراً أيضاً ؟
قلنا : لا يمتنع خبر بعد خبر، والرابع : المراد بقوله ﴿وَرَبُّكَ﴾ أخوه هارون، وسموه رباً لأنه كان أكبر من موسى.
قال المفسرون : قولهم ﴿اذهب أَنتَ وَرَبُّكَ﴾ إن قالوه على وجه الذهاب من مكان إلى مكان فهو كفر، وإن قالوه على وجه التمرد عن الطاعة فهو فسق، ولقد فسقوا بهذا الكلام بدليل قوله تعالى في هذه القصة ﴿فَلاَ تَأْسَ عَلَى القوم الفاسقين﴾ [ المائدة : ٢٦ ] والمقصود من هذه القصة شرح خلاف هؤلاء اليهود وشدة بغضهم وغلوهم في المنازعة مع أنبياء الله تعالى منذ كانوا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٥٩﴾


الصفحة التالية
Icon