قَوْله تَعَالَى :﴿ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ يَعْنِي خَسِرَ نَفْسَهُ بِإِهْلَاكِهِ إيَّاهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ إنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ وَلَا دَلَالَةَ فِي قَوْلِهِ :﴿ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ كَانَ لَيْلًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ وَقْتٌ مُبْهَمٌ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ لَيْلًا وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ نَهَارًا، وَهُوَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ : أَصْبَحَتْ عَاذِلَتِي مُعْتَلَّهْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ ؛ وَكَقَوْلِ الْآخَرِ : بَكَرَتْ عَلَيَّ عَوَاذِلِي يَلْحَيْنَنِي وَيَصْرِمُنَّهْ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَوَّلَ النَّهَارِ دُونَ آخِرِهِ.
وَهَذَا عَادَةُ الْعَرَبِ فِي إطْلَاقِ مِثْلِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ الْمُبْهَمُ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon