والعجيب أنهم جاءوا بالتعليل الذي ضدّهم ؛ كي يعرفك أن الهوى والغضب والحسد والحقد تقلب الموازين، ﴿ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ هذه تدل على أنهم أقوياء. وهي التي جعلت أباه يعقوب يعطف على الضمير. أنتم تقولون :﴿ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إلى أَبِينَا مِنَّا ﴾ نعم ؛ لأنه صغير، وسألوا العربي : مالك تُحب الولد الصغير، قال : لأن أيامه أقصر الأيام معي، البكر مكث معي طويلاً، فأنا أعوض للصغير الأيام التي فاتته ببعض الحب وأعطيه بعض الحنان، قولهم :﴿ نَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ هذه ضدهم، مما يدل على أن الرجل ساعة تختلط عليه موازين القيم، يأتي بالحُجّة التي ضده ويظن أنها معه! وبعد ذلك يقولون :﴿ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [ يوسف : ٨ ]
واتفقوا. فبدأوا بقولهم :﴿ اقتلوا يُوسُفَ ﴾ [ يوسف : ٩ ]
وقالوا :﴿ أَوِ اطرحوه أَرْضاً ﴾ [ يوسف : ٩ ]
ولأنهم أسباط وأولاد يعقوب تنازلوا عن القتل والطرح في الأرض وقال قائل منهم :﴿ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الجب يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السيارة ﴾ [ يوسف : ١٠ ]
وهل يرتب أحد النجاة لمن يكرهه؟
كأن النفس مازال فيها خير، فأولا قالوا :﴿ اقتلوا يُوسُفَ ﴾ هذه شدة الغضب. أو ﴿ اطرحوه أَرْضاً ﴾ يطرحونه أرضاً فقد يأكله حيوان مفترس، فقال واحد : نلقيه في غيابة الجب ويلتقطه بعض السيارة، إذن فالأخيار تتنازل.


الصفحة التالية
Icon