فائدة
قال الفخر :
قوله :﴿يا ويلتى﴾ اعتراف على نفسه باستحقاق العذاب، وهي كلمة تستعمل عند وقوع الداهية العظيمة، ولفظها لفظ النداء، وكأن الويل غير حاضر له فناداه ليحضره، أي أيها الويل احضر، فهذا أوان حضورك، وذكر ﴿يا﴾ زيادة بيان كما في قوله ﴿يا ويلتى أألد﴾ [ هود : ٧٢ ] والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٦٦﴾
وقال ابن عاشور :
وكلمة ﴿ يَا ويلتى ﴾ من صيّغ الاستغاثة المستعملة في التعجّب، وأصله يا لَوَيْلَتِي، فعوّضت الألف عن لام الاستغاثة نحو قولهم : يا عَجَباً، ويجوز أن يجعل الألف عوضاً عن ياء المتكلم، وهي لغة، ويكون النّداء مجازاً بتنزيل الويلة منزلة ما يُنَادَى، كقوله :﴿ يَا حسرتى على ما فرّطتُ في جنب الله ﴾ [ الزمر : ٥٦ ].
والاستفهام في ﴿ أعجزت ﴾ إنكاري.
وهذا المشهد العظيم هو مشهد أوّل حضارة في البشر، وهي من قبيل طلب سَتر المشاهد المكروهة.
وهو أيضاً مشهد أوّللِ علممٍ اكتسبه البشر بالتّقليد وبالتَّجربة، وهو أيضاً مشهد أوّل مظاهر تَلقّي البشر معارفه من عوالم أضعفَ منه كما تَشَبَّه النَّاس بالحيوان في الزينة، فلبسوا الجُلُود الحسنة الملوّنة وتكلّلوا بالريش المُلوّن وبالزهور والحجارة الكريمة، فكم في هذه الآية من عبرة للتَّاريخ والدّين والخُلُق.
﴿ فَأَصْبَحَ مِنَ النادمين ﴾.
القول فيه كالقول في ﴿ فأصبح من الخاسرين ﴾ [ المائدة : ٣٠ ].
ومعنى ﴿ من النادمين ﴾ أصبح نادماً أشدّ ندامة، لأنّ ﴿ من النادمين ﴾ أدلّ على تمكّن الندامة من نفسه، من أن يقال "نادماً".
كما تقدّم عند قوله تعالى :﴿ وكان من الكافرين ﴾ [ البقرة : ٣٤ ] وقوله :{ فتكونا من الظالمين في سورة البقرة ( ٣٥ ).