ومن فوائد ابن الجوزى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ واتل عليهم نبأ ابنيْ آدم بالحق ﴾ النبأ : الخبر.
وفي ابنيْ آدم قولان.
أحدهما : أنهما ابناه لِصُلبه، وهما قابيل وهابيل، قاله ابن عمر، وابن عباس، ومجاهد، وقتادة.
والثاني : أنهما أخوان من بني إِسرائيل، ولم يكونا ابنيْ آدم لصلبه، هذا قول الحسن، والعلماء على الأول، وهو أصح، لقوله ﴿ ليُريَه كيف يواري سوأة أخيه ﴾ [ المائدة : ٣١ ].
ولو كان من بني إِسرائيل، لكان قد عرف الدفن، ولأن النبي ﷺ قال عنه :" إِنه أول من سن القتل " وقوله تعالى :﴿ بالحق ﴾ أي : كما كان.
والقربان : فعلان من القرب، وقد ذكرناه في ﴿ آل عمران ﴾.
وفي السبب الذي قربا لأجله قولان.
أحدهما : أن آدم عليه السلام كان قد نُهِي أن يُنْكِحَ المرأة أخاها الذي هو توأمها، وأُجيز له أن يُنكحها غيره من إِخوتها، وكان يولد له في كل بطن ذكر وأُنثى، فولدت له ابنة وسيمة، وأخرى دميمة، فقال أخو الدميمة لأخي الوسيمة : أنكحني أُختك، وأُنكحك أُختى، فقال أخو الوسيمة : أنا أحق بأختي، وكان أخو الوسيمة صاحب حرث، وأخو الدميمة صاحب غنم، فقال : هلمَّ فلنقرّب قرباناً، فأينا تُقُبِّل قربانُه فهو أحقُّ بها، فجاء صاحب الغنم بكبش أبيض أعين أقرن، وجاء صاحب الحرث بصُبْرَةٍ من طعام، فتُقُبِّل الكبش، فخزنه الله في الجنة أربعين خريفاً، فهو الذي ذبحه إِبراهيم، فقتله صاحب الحرث، فوَلَدُ آدم كلهم من ذلك الكافر، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني : أنهما قرّباه من غير سبب.
روى العوفي عن ابن عباس أن ابنيْ آدم كانا قاعدَين يوماً، فقالا : لو قرّبنا قرباناً، فجاء صاحب الغنم بخير غنمه وأسمنها، وجاء الآخر ببعض زرعه، فنزلت النار، فأكلت الشاة، وتركت الزرع، فقال لأخيه : أتمشي في الناس وقد علموا أن قربانك تُقُبِّل، وأنك خيٌر مني لأقتلنَّك.


الصفحة التالية
Icon