وعلى ضوء هذا البيان نستطيع أن نمضي مع السياق :
﴿ واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق : إذ قربا قرباناً، فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال : لأقتلنك. قال : إنما يتقبل الله من المتقين. لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك، إني أخاف الله رب العالمين : إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار، وذلك جزاء الظالمين. فطوعت له نفسه قتل أخيه، فقتله، فأصبح من الخاسرين. فبعث الله غراباً يبحث في الأرض، ليريه كيف يواري سوأة أخيه. قال يا ويلتا! أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب، فأواري سوأة أخي؟ فأصبح من النادمين... ﴾
هذه القصة تقدم نموذجاً لطبيعة الشر والعدوان ؛ ونموذجاً كذلك من العدوان الصارخ الذي لا مبرر له. كما تقدم نموذجاً لطبيعة الخير والسماحة ؛ ونموذجاً كذلك من الطيبة والوداعة. وتقفهما وجهاً لوجه، كل منهما يتصرف وفق طبيعته.. وترسم الجريمة المنكرة التي يرتكبها الشر، والعدوان الصارخ الذي يثير الضمير ؛ ويثير الشعور بالحاجة إلى شريعة نافذة بالقصاص العادل، تكف النموذج الشرير المعتدي عن الاعتداء ؛ وتخوفه وتردعه بالتخويف عن الإقدام على الجريمة ؛ فإذا ارتكبها - على الرغم من ذلك - وجد الجزاء العادل، المكافىء للفعلة المنكرة. كما تصون النموذج الطيب الخير وتحفظ حرمة دمه. فمثل هذه النفوس يجب أن تعيش، وأن تصان، وأن تأمن ؛ في ظل شريعة عادلة رادعة.