و " في الأرض " متعلِّق بنفس " فَسَاد " ؛ لأنَّك تقول :" أفْسَد في الأرْض " إلاَّ في قراءة الحسن بنَصْبِه، وخرَّجناه على النَّصْب على المَصْدرية، كما ذكره أبُو البقاء، فإنه لا يتعلَّق به ؛ لأنه مصدر مُؤكِّد، وقد نَصُّوا على أنَّ المؤكد لا يعمل، فيكُون " في الأرضِ " متعلِّقاً بمحذُوف على أنه صِفَة لـ " فساداً " والفاءُ في " فَكَأنَّمَا " في الموضعين جواب الشَّرْط واجِبَة الدُّخول، و" ما " كافة لحرف التَّشْبيه، والأحْسَن أن تسمى هُنَا مهيِّئة لوقوع الفِعْل بَعْدَهَا، و" جَمِيعاً " : إمَّا حال أو تَوْكِيدٌ.
﴿ وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بالبينات ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذلك ﴾، أي : بعد مَجِيء الرُّسل وبعدما كَتَبْنَا عليهم تَحْريم القَتْل، " لمُسْرِفُون " الذي هو خَبَر " إن " ولا تَمْنَعُ من ذلك لام الابتداء فاصِلَة بين العامل ومعمُوله المتقدِّم عليه ؛ لأنَّ دخولها على الخَبَر على خِلاف الأصْل ؛ إذ الأصْل دُخولُها على المُبْتَدأ، [ وإنَّما منع منه دخول " إنَّ " و" ذلِكَ " إشارة إلى مجيء الرُّسُل بالبيِّنات ]. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٧ صـ ٢٩٨ ـ ٣٠٣﴾. باختصار.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢) ﴾
هذا قريب مما قال النبي ﷺ :
" من سنَّ حسنة فله أَجْرُها وأجر من عمل بها إلى يوم والقيامة، ومن سنَّ سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ". أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٤٢٠﴾