وقيل : معنى ﴿ بِإِثْمِى ﴾ بإثم قتلي، ومعنى ﴿ بإثمك ﴾ إثمك الذي كان قبل قتلي، وروي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما وقتادة ومجاهد والضحاك، وأطلق هؤلاء الإثم الذي كان قبل، وعن الجبائي والزجاج أنه الإثم الذي من أجله لم يتقبل القربان وهو عدم الرضا بحكم الله تعالى كما مر، وقيل : معناه بإثم قتلي وإثمك الذي هو قتل الناس جميعاً حيث سننت القتل، وإضافة الإثم على جميع هذه الأقوال إلى ضمير المتكلم لأنه نشأ من قلبه، أو هو على تقدير مضاف ولا حاجة إلى تقدير مضاف إليه كما قد قيل به أولاً إلا أنه لا خفاء في عدم حسن المقابلة بين التكلم والخطاب على هذا لأن كلا الإثمين إثم المخاطب، والأمر فيه سهل، والجار والمجرور مع المعطوف عليه حال من فاعل ﴿ أَن تَبُوء ﴾ أي ترجع متلبساً بالإثمين حاملاً لهما، ولعل مراده بالذات : إنما هو عدم ملابسته للإثم لا ملابسة أخيه إذ إرادة الإثم من آخر غير جائزة، وقيل : المراد بالإثم : ما يلزمه ويترتب عليه من العقوبة، ولا يخفى أنه لا يتضح حينئذ تفريع قوله تعالى :﴿ فَتَكُونَ مِنْ أصحاب النار ﴾ على تلك الإرادة، فإن كون المخاطب من أصحاب النار إنما يترتب على رجوعه بالإثمين لا على ابتلاء بعقوبتهما وهو ظاهر، وحمل العقوبة على نوع آخر يترتب عليه العقوبة النارية يرده كما قال شيخ الإسلام قوله سبحانه :﴿ وَذَلِكَ مِنَ الظالمين ﴾ فإنه صريح في أن كونه من أصحاب النار تمام العقوبة وكمالها، والجملة تذييل مقرر لما قبله، وهي من كلام هابيل على ما هو الظاهر، وقيل : بل هي إخبار منه تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
ومعنى ﴿ أريد ﴾ : أريد من إمساكي عن الدفاع.
وأطلقت الإرادة على العزم كما في قوله تعالى :﴿ قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين ﴾ [ القصص : ٢٧ ]، وقوله :﴿ يريد الله بكم اليسر ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ].