فصل


قال الجصاص :
قَوْله تَعَالَى :﴿ إنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِك ﴾ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُود وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ :" إثْمُ قَتْلِي وَإِثْمُك الَّذِي كَانَ مِنْك قَبْلَ قَتْلِي ".
وَقَالَ غَيْرُهُمْ :" إثْمُك الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يُتَقَبَّلْ قُرْبَانُك ".
وَالْمُرَادُ : إنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِعِقَابِ إثْمِي وَإِثْمِك ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ حَقِيقَةَ الْإِثْمِ ؛ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ إرَادَةُ مَعْصِيَةِ اللَّهِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهَا.
وَمَعْنَى " تَبُوءَ " تَرْجِعُ، يُقَالُ : بَاءَ، إذَا رَجَعَ إلَى الْمَبَاءَةِ وَهِيَ الْمَنْزِلُ، وَبَاءُوا بِغَضَبِ اللَّهِ : رَجَعُوا، وَالْبَوَاءُ : الرُّجُوعُ بِالْقَوَدِ وَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَمْرِ بَوَاءٌ أَيْ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ فِيهِ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon