ثم قال ابن جرير : حدثني علي، حدثنا الوليد بن مسلم قال : قال الليث، وكذلك حدثني موسى بن إسحاق المدني، وهو الأمير عندنا : أن عليًا الأسدي حارب وأخاف السبيل وأصاب الدم والمال، فطلبه الأئمة والعامة، فامتنع ولم يُقْدر عليه، حتى جاء تائبًا، وذلك أنه سمع رجلا يقرأ هذه الآية :﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر : ٥٣]، فوقف عليه فقال : يا عبد الله، أعد قراءتها. فأعادها عليه، فغمد سيفه، ثم جاء تائبًا. حتى قدم المدينة من السحر، فاغتسل، ثم أتى مسجد رسول الله ﷺ فصلى الصبح، ثم قعد إلى أبي هريرة في غمار أصحابه، فلما أسفروا عرفه الناس، فقاموا إليه، فقال : لا سبيل لكم عليّ جئت تائبًا من قبل أن تقدروا علي. فقال أبو هريرة : صدق. وأخذ بيده أبو هريرة حتى أتى مروان بن الحكم - وهو أمير على المدينة في زمن معاوية - فقال : هذا عليّ جاء تائبا، ولا سبيل لكم عليه ولا قتل.
قال : فتُرك من ذلك كله، قال : وخرج عليّ تائبًا مجاهدًا في سبيل الله في البحر، فلقوا الروم، فقربوا سفينته إلى سفينة من سفنهم فاقتحم على الروم في سفينتهم، فهربوا منه إلى شقها الآخر، فمالت به وبهم، فغرقوا جميعًا. أ هـ ﴿تفسير ابن كثير حـ ٣ صـ ١٠٢ ـ ١٠٣﴾
وقال الخازن :
وقوله تعالى :﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾ يعني لكن الذين تابوا من شركهم وحربهم لله ورسوله ومن السعي في الأرض بالفساد من قبل أن تقدروا عليهم.


الصفحة التالية
Icon