وفي الخبر أن الله تعالى قال :" من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٧٠﴾

فصل


قال الفخر :
من الناس من قال : هذا الوعيد مختص بالكفار، ومنهم من قال : إنه في فساق المؤمنين، أما الأولون فقد ذكروا وجوها : الأول : أنها نزلت في قوم من عرينة نزلوا المدينة مظهرين للإسلام، فمرضت أبدانهم واصفرت ألوانهم، فبعثهم رسول الله ﷺ إلى إبل الصدقة ليشربوا من أبوالها وألبانها فيصحوا، فلما وصلوا إلى ذلك الموضع وشربوا وصحوا قتلوا الرعاة وساقوا الإبل وارتدوا، فبعث النبي ﷺ في أثرهم وأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركوا هناك حتى ماتوا، فنزلت هذه الآية نسخاً لما فعله الرسول، فصارت تلك السنة منسوخة بهذا القرآن، وعند الشافعي رحمه الله لما لم يجز نسخ السنة بالقرآن كان الناسخ لتلك السنة سنة أخرى ونزل هذا القرآن مطابقاً للسنة الناسخة، والثاني : أن الآية نزلت في قوم أبي برزة الأسلمي، وكان قد عاهد رسول الله ﷺ، فمر قوم من كنانة يريدون الإسلام وأبو برزة غائب، فقتلوهم وأخذوا أموالهم.
الثالث : أن هذه الآية في هؤلاء الذين حكى الله تعالى عنهم من بني إسرائيل أنهم بعد أن غلظ الله عليهم عقاب القتل العمد العدوان فهم مسرفون في القتل مفسدون في الأرض، فمن أتى منهم بالقتل والفساد في الأرض فجزاؤهم كذا وكذا.
والوجه الرابع : أن هذه الآية نزلت في قطاع الطريق من المسلمين وهذا قول أكثر الفقهاء، قالوا : والذي يدل على أنه لا يجوز حمل الآية على المرتدين وجوه : أحدها : أن قطع المرتد لا يتوقف على المحاربة ولا على إظهار الفساد في دار الإسلام، والآية تقتضي ذلك.
وثانيها : لا يجوز الاقتصار في المرتد على قطع اليد ولا على النفي، والآية تقتضي ذلك.


الصفحة التالية
Icon