وإذْ كانت واضحةً صحةُ ما قلنا - بما عليه استشهدنا من الشواهد، ودللنا عليه من الدلائل - فالواجب أن تكون معاني كتاب الله المنزل على نبينا محمد ﷺ لمعاني كلام العرب موافقة وظاهره لظاهر كلامها ملائما وإن باينه كتاب الله بالفضيلة التي فضل بها سائر الكلام والبيان بما قد تقدم وصفناه
فاذ كان ذلك كذلك فبين إذ كان موجودا في كلام العرب الإيجاز والاختصار والاجتزاء بالإخفاء من الإظهار وبالقلة من الإكثار في بعض الأحوال واستعمال الإطالة والإكثار والترداد والتكرار واظهار المعاني بالأسماء دون الكناية عنها والإسرار في بعض الأوقات والخبر عن الخاص في المراد بالعام الظاهر وعن العام في المراد بالخاص الظاهر وعن الكناية والمراد منه المصرح وعن الصفة والمراد الموصوف وعن الموصوف والمراد الصفة وتقديم ما هو في المعنى مؤخر وتأخير ما هو في المعنى مقدم والاكتفاء ببعض من بعض وبما يظهر عما يحذف واظهار ما حظه الحذف أن يكون ما في كتاب الله المنزل على نبيه محمد ﷺ من ذلك في كل ذلك له نظيرا وله مثلا وشبيها
ونحن مبينو جميع ذلك في أماكنه إن شاء الله ذلك وأمد منه بعون وقوة
القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم
قال أبو جعفر : إن سألنا سائل فقال : إنك ذكرت أنه غير جائز أن يخاطب الله تعالى ذكره أحدا من خلقه إلا بما يفهمه وأن يرسل إليه رسالة إلا باللسان الذي يفقهه
فما أنت قائل فيما حدثكم به محمد بن حميد الرازي قال : حدثنا حكام بن سلم قال : حدثنا عنبسة عن أبي اسحق عن أبي الأحوص عن أبي موسى :﴿يؤتكم كفلين من رحمته﴾
( الحديد : ٢٨ ) قال : الكفلان : ضعفان من الأجر بلسان الحبشة


الصفحة التالية
Icon