وذلك أنه غير جائز أن يتوهم على ذي فطرة صحيحة مقر بكتاب الله ممن قد قرأ القران وعرف حدود الله أن يعتقد أن بعض القرآن فارسي لا عربي وبعضه نبطي لا عربي وبعضه رومي لا عربي وبعضه حبشي لا عربي بعد ما أخبر الله تعالى ذكره عنه أنه جعله قرآنا عربيا لأن ذلك إن كان كذلك فليس قول القائل : القرآن حبشي أو فارسي ولا نسبة من نسبه إلى بعض ألسن الأمم التي بعضه بلسانه دون العرب بأولى بالتطويل من قول القائل : هو عربي ولا قول القائل : هو عربي بأولى بالصحة والصواب من قول ناسبه إلى بعض الأجناس التي ذكرنا إذ كان الذي بلسان غير العرب من سائر ألسن أجناس الأمم فيه نظير الذي فيه من لسان العرب
واذا كان ذلك كذلك فبين إذا خطأ من زعم أن القائل من السلف : في القرآن من كل لسان انما عنى بقيله ذلك أن فيه من البيان ما ليس بعربي ولا جائز نسبته إلى لسان العرب
ويقال لمن أبى ما قلنا ممن زعم أن الأحرف التي قدمنا ذكرها في أول الباب وما أشبهها إنما هي كلام أجناس من الأمم سوى العرب وقعت إلى العرب فعربته - : ما برهانك على صحة ما قلت في ذلك من الوجه الذي يجب التسليم له فقد علمت من خالفك في ذلك فقال فيه خلاف قولك وما الفرق بينك وبين من عارضك في ذلك فقال : هذه الأحرف وما أشبهها من الأحرف غيرها أصلها عربي غير أنها وقعت الى سائر أجناس الأمم غيرها فنطقت كل أمة منها ببعض ذلك بألسنتها من الوجه الذي يجب التسليم له ؟ فلن يقول في شيء من ذلك قولا الا ألزم في الآخر مثله


الصفحة التالية
Icon