وقد أخرج مسلم وابن المنذر وابن مردويه عن جابر بن عبد الله " أن رسول الله ﷺ قال : يخرج من النار قوم فيدخلون الجنة "، قال يزيد الفقير : فقلت لجابر : يقول الله تعالى :﴿ يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النار وَمَا هُم بخارجين مِنْهَا ﴾ قال : اتل أول الآية ﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِى الأرض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ ﴾ [ المائدة : ٣٦ ] ألا إنهم الذين كفروا، وأخرج ابن جرير عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس رضي الله تعالى عنهما : تزعم أن قوماً يخرجون من النار وقد قال الله تعالى :﴿ وَمَا هُم بخارجين مِنْهَا ﴾ فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ويحك اقرأ ما فوقها هذه للكفار، ورواية أنه قال له : يا أعمى البصر أعمى القلب تزعم الخ حكاها الزمخشري وشنع إثرها على أهل السنة ورماهم بالكذب والافتراء، فحقق ما قيل : رمتني بدائها وانسلت، ولسنا مضطرين لتصحيح هذه الرواية ولا وقف الله تعالى صحة العقيدة على صحتها، فكم لنا من حديث صحيح شاهد على حقيقة ما نقول وبطلان ما يقول المعتزلة تباً لهم.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ تصريح بما أشير إليه من عدم تناهي مدة العذاب بعد بيان شدته أي عذاب دائم ثابت لا يزول ولا ينتقل أبداً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :
احتج أصحابنا بهذا الآية على أنه تعالى يخرج من النار من قال "لا إله إلا الله" على سبيل الإخلاص.
قالوا : لأنه تعالى جعل هذا المعنى من تهديدات الكفار، وأنواع ما خوفهم به من الوعيد الشديد، ولولا أن هذا المعنى مختص بالكفار وإلا لم يكن لتخصيص الكفار به معنى والله أعلم.
ومما يؤيد هذا الذي قلناه قوله ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ وهذا يفيد الحصر، فكان المعنى ولهم عذاب مقيم لا لغيرهم، كما أن قوله ﴿لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [ المائدة : ٣ ] أي لكم لا لغيركم، فكذا ههنا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٧٦﴾