الثاني : أنه إن كان ثمن المجن مقدراً بعشرة دراهم كان التخصيص الحاصل بسببه في عموم قوله تعالى :﴿والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا﴾ أكثر من التخصيص الحاصل في عموم هذه الآية بقوله عليه الصلاة والسلام :" لا قطع إلا في ربع دينار " فكان الترجيح لهذا الجانب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٧٨ ـ ١٨٠﴾

فصل


قال الفخر :
قال الشافعي رحمه الله : الرجل إذا سرق أولاً قطعت يده اليمنى، وفي الثانية رجله اليسرى، وفي الثالثة يده اليسرى، وفي الرابعة رجله اليمنى، وقال أبو حنيفة والثوري : لا يقطع في المرة الثالثة والرابعة.
واحتج الشافعي رحمه الله بهذه الآية من وجهين : الأول : أن السرقة علة لوجوب القطع، وقد وجدت في المرة الثالثة، فوجب القطع في المرة الثالثة أيضاً، إنما قلنا : إن السرقة علة لوجوب القطع لقوله ﴿والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا﴾ وقد بيّنا أن المعنى : الذي سرق فاقطعوا يده، وأيضاً الفاء في قوله ﴿فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا﴾ يدل على أن القطع وجب جزاء على تلك السرقة، فالسرقة علة لوجوب القطع، ولا شك أن السرقة حصلت في المرة الثالثة، فما هو الموجب للقطع حاصل في المرة الثالثة، فلا بدّ وأن يترتب عليه موجبه ولا يجوز أن يكون موجبه هو القطع في المرة الأولى لأن الحكم لا يسبق العلة، وذلك لأن القطع وجب بالسرقة الأولى، فلم يبق إلا أن تكون السرقة في المرة الثالثة توجب قطعاً آخر وهو المطلوب، والثاني : أنه تعالى قال :﴿فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا﴾ ولفظ الأيدي لفظ جمع، وأقله ثلاثة، والظاهر يقتضي وجوب قطع ثلاثة من الأيدي في السارق والسارقة، ترك العمل به ابتداء فيبقى معمولاً به عند السرقة الثالثة.
فإن قالوا : إن ابن مسعود قرأ فاقطعوا أيمانهما، فكان هذا الحكم مختصاً باليمين لا في مطلق الأيدي، والقراءة الشاذة جارية مجرى خبر الواحد.


الصفحة التالية
Icon