وقد أجمع علماء الأمّة على أنّ هذا القسم يجري على أحكام الإسلام، لأنّا لم نعاهدهم على الفسادِ، وقد قال تعالى :﴿ والله لا يحبّ الفساد ﴾ [ البقرة : ٢٠٥ ]، ولذلك نمنعهم من بيع الخمر للمسلمين ومن التظاهر بالمحرّمات.
القسم الرّابع : ما يجري بينهم من المعاملات الّتي فيها اعتداء بعضهم على بعض : كالجنايات، والديون، وتخاصم الزوجين.
فهذا القسم إذا تراضوا فيه بينهم لا نتعرّض لهم، فإن استعدى أحدهم على الآخر بحاكم المسلمين.
فقال مالك : يقضي الحاكم المسلم بينهم فيه وجوباً، لأنّ في الاعتداء ضرباً من الظلم والفساد، وكذلك قال الشافعي، وأبو يوسف، ومحمّد، وزفر.
وقال أبو حنيفة : لا يَحكم بينهم حتّى يتراضى الخصمان معاً. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ﴾ أي : وإن أردت الحكم بالقسط بالعدل كما تحكم بين المسلمين.
والقسط : هو المبين في قوله ﴿ وأن احكم بينهم بما أنزل الله ﴾، وهو ﷺ لا يحكم إلا بالقسط، فهو أمر معناه الخبر أي : فحكمك لا يقع إلا بالعدل، لأنك معصوم من اتباع الهوى.
﴿ إن الله يحب المقسطين ﴾ وأنت سيدهم، فمحبته إياك أعظم من محبته إياهم.
وفيه حث على توخي القسط وإيثاره، حيث ذكر الله أنه يحب من اتصف به. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾