أَمْ ذَاكَ مِمَّا أَوْدَعَتْهُ شَرَائِعُ الْـ أَدْيَانِ مِنْ هَدْيٍ لَنَا وَرَشَادِ
أَمْ ذَلِكَ الْعَقْلُ السَّلِيمُ قَضَى عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ بِهَذِهِ الْأَصْفَادِ
كَلَّا فَلَيْسَ الْأَمْرُ ضَرْبَةَ لَازِبٍ لَكِنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ الْمُعْتَادِ
فَاخْلَعْ جَلَابِيبَ الْعَوَائِدِ إِنْ تَكُنْ لَيْسَتْ بِحُكْمِ الْعَقْلِ ذَاتَ سَدَادِ
يُقَالُ : سَارِعْ إِلَى الشَّيْءِ (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (٣ : ١٣٣) وَسَارِعْ فِي الشَّيْءِ (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) (٣٣ : ٦١) فَالْمُسَارِعُ إِلَى الشَّيْءِ هُوَ الَّذِي يُسْرِعُ إِلَيْهِ مِنْ خَارِجِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ، وَالْمُسَارِعُ فِي الشَّيْءِ هُوَ الَّذِي يُسْرِعُ فِي أَعْمَالِهِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِ. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمُ الْآيَةُ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، فَيَكُونُ مَا عَمِلُوا مِنْ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ انْتِقَالًا بِسُرْعَةٍ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ، بَلْ كَانُوا دَاخِلِينَ فِي ظَرْفِ الْكُفْرِ، مُحِيطًا بِهِمْ سُرَادِقُهُ، وَإِنَّمَا انْتَقَلُوا سِرَاعًا مِنْ حَيِّزِ الْإِخْفَاءِ لَهُ وَالْكِتْمَانِ إِلَى حَيِّزِ الْمُصَارَحَةِ وَالْإِعْلَانِ، كَالَّذِي يَنْتَقِلُ فِي الْبَيْتِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ.


الصفحة التالية
Icon