ولما نهى عن الأمرين، وكان ترك الحكم بالكتاب إما لاستهانة أو لخوف أو رجاء أو شهوة، رتب ختام الآيات على الكفر والظلم والفسق، قال ابن عباس رضي الله عنهما : من جحد حكم الله كفر ومن لم يحكم به وهو مقر فهو ظالم فاسق.
فلما كان التقدير : فمن حكم بما أنزل الله فأولئك هم المسلمون، عطف عليه ما أفهمه من قوله :﴿ومن لم يحكم﴾ أي يوجد الحكم ويوقعه على وجه الاستمرار ﴿بما أنزل الله﴾ أي الذي له الكمال كله فلا أمر لأحد معه تديناً بالإعراض عنه، أعم من أن يكون تركه له حكماً بغيره أو لا ﴿فأولئك﴾ أي البعداء من كل خير ﴿هم الكافرون﴾ أي المختصون بالعراقة في الكفر، وهذه الآيات من قوله تعالى ﴿يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر﴾ [ المائدة : ٤١ ] إلى هنا نزلت في الزنا، ولكن لما كان السياق للمحاربة، وكان كل من القتل وقطع الطريق والسرقة محاربة ظاهرة مع كونه فساداً صرح به، ولما كان الزنا محاربة خفية بالنظر إلى فحشه وحرمته وجرّه في بعض الصور إلى المحاربة وغير محاربة بالنظر إلى كونه في الغالب عن تراض، وصاحبه غير متزيّ بزيّ المحاربين، لم يصرح في هذه الآيات باسمه وإن كانت نزلت فيه، روى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه أنه قال في خطبته :" إن الله بعث محمداً وأنزل عليه كتاباً، وكان فيما أنزل عليه آية الرجم فتلوناها ووعيناها " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم " وقد رجم رسول الله ﷺ ورجمنا بعده - الحديث.


الصفحة التالية