ولك أن تجعل النّور هنا مستعاراً للإيمان والحكمة، كقوله :﴿ يخرجهم من الظلمات إلى النّور ﴾ [ البقرة : ١٣٢ ]، فيكون بينَه وبين الهدى عموم وخصوص مطلق، فالنّور أعمّ، والعطفُ لأجل تلك المغايرة بالعموم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾

فصل


قال الفخر :
العطف يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، فوجب حصول الفرق بين الهدى والنور، فالهدى محمول على بيان الأحكام والشرائع والتكاليف، والنور بيان للتوحيد والنبوة والمعاد.
قال الزجاج ﴿فِيهَا هُدًى﴾ أي بيان الحكم الذي جاؤا يستفتون فيه النبي ﷺ ﴿وَنُورٌ﴾ بيان أن أمر النبي ﷺ حق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٣﴾

فصل


قال الفخر :
احتج القائلون بأن شرع من قبلنا لازم علينا إلا إذا قام الدليل على صيرورته منسوخاً بهذه الآية ؛ وتقريره أنه تعالى قال : إن في التوراة هدىً ونوراً.
والمراد كونه هدىً ونوراً في أصول الشرع وفروعه، ولو كان منسوخاً غير معتبر الحكم بالكلية لما كان فيه هدىٌ ونور، ولا يمكن أن يحمل الهدى والنور على ما يتعلق بأصول الدين فقط، لأنه ذكر الهدى والنور، ولو كان المراد منهما معاً هو ما يتعلق بأصول الدين لزم التكرار، وأيضاً أن هذه الآية إنما نزلت في مسألة الرجم، فلا بدّ وأن تكون الأحكام الشرعية داخلة في الآية، لأنا وإن اختلفنا في أن غير سبب نزول الآية هل يدخل فيها أم لا، لكنا توافقنا على أن سبب نزول الآية يجب أن يكون داخلاً فيها. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٣﴾
قوله تعالى ﴿يَحْكُمُ بِهَا النبيون الذين أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ﴾

فصل


قال الفخر :
يريد النبيّين الذين كانوا بعد موسى، وذلك أن الله تعالى بعث في بني إسرائيل ألوفاً من الأنبياء ليس معهم كتاب، إنما بعثهم بإقامة التوراة حتى يحدوا حدودها ويقوموا بفرائضها ويحلوا حلالها ويحرموا حرامها.


الصفحة التالية
Icon