وذهب بعض المحققين إلى أن التضعيف فيما نحن فيه ليس للتعدية، وأن تعلق الجار بالفعل لتضمينه معنى المجيء أي جئنا بعيسى ابن مريم على آثارهم قافياً لهم فهو متعد لواحد لا غير بالباء، وحاصل المعنى أرسلنا عيسى عليه السلام عقيبهم ﴿ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ﴾ حال من عيسى مؤكدة فإن ذلك من لازم الرسول عليه الصلاة والسلام.
﴿ وءاتيناه ﴾ عطف على ﴿ ثُمَّ قَفَّيْنَا ﴾، وقرأ الحسن بفتح الهمزة، ووجه صحة ذلك أنه اسم أعجمي فلا بأس بأن يكون على ما ليس في أوزان العرب، وهو بأفعيل أو فعليل بالفتح، وإما إفعيل بالكسر فله نظائر كإبزيم وإحليل وغير ذلك ﴿ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ﴾ كما في التوراة، والجملة في موضع النصب على أنها حال من الإنجيل، وقوله تعالى :﴿ وَمُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ﴾ عطف على الحال وهو حال أيضاً، وعطف الحال المفردة على الجملة الحالية وعكسه جائز لتأويلها بمفرد وتكرير هذا لزيادة التقرير، وقوله عز وجل :﴿ لّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لّلْمُتَّقِينَ ﴾ عطف على ما تقدم منتظم معه في سلك الحالية، وجعل كله هدى بعد ما جعل مشتملاً عليه مبالغة في التنويه بشأنه لما أن فيه البشارة بنبينا ﷺ أظهر، وتخصيص المتقين بالذكر لأنهم المهتدون بهداه والمنتفعون بجدواه، وجوز نصب ﴿ هُدًى وَمَوْعِظَةً ﴾ على المفعول لها عطفاً على مفعول له آخر مقدر أي إثباتاً لنبوته وهدى الخ، ويجوز أن يكونا معللين لفعل محذوف عامل فيه أي : وهدى وموعظة للمتقين آتيناه ذلك. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾