لطيفة
قال فى ملاك التأويل :
قوله تعالى :" وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم " وفى سورة الحديد :"ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم " للسائل أن يسأل عن وجه ما اختلف فى هاتين السورتين من التفصيل فيمن قفى بهم ؟
ووجه ما زيد فى آية الحديد من المقفى بهم قبل عيسى عليه السلام، ولم يقع ذلك فى سورة المائدة مع اتحاد ما قصد فى الموضعين من تواتر الرسل وتقفية بعضهم ببعض ؟
والجواب والله أعلم : أن آية المائدة ورد الكلام فيما تقدمها فى بنى إسرائيل من لدن قوله تعالى :"ولقد أخذنا الله ميثاق بنى إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا " إلى الآية التى نحن فيها ثم استمرت الآيات بعد فيهم إلى قوله تعالى :"لتجدن أشد الناس عداوة..
" الآيات فأكثر آيات هذه السورة إنما نزلت فيهم تعريفا بمرتكباتهم وتحريفهم ونقضهم الميثاق وحكمهم بغير ما أنزل الله وفى أثناء ذلك تسلية نبينا ﷺ عنهم كقوله تعالى :"يأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر.. "الآية
وقوله تعالى :"ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا "، وقوله تعالى :"فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم " وقوله بعد الآية المتكلم فيها :"ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة " وقوله :"فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم " وفيما قبل هذا :"إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا... "الآيات، ولم يقع فى هذه الآى ذكر لغير بنى إسرائيل ومن كان فيهم من الأنبياء من بعد موسى عليه السلام إلى قوله تعالى :"ثم قفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم " ولا توقف فى تعقيب الرسل والأنبياء بعيسى عليه السلام فلهذا لم يقع هنا ذكر واسطة.