ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾
وقفينا أي اتبعنا، فعيسى جاء من بعد موسى، فعندما يمشي رجل خلف رجل نجد أن قفا الأول يكون في وجه الثاني. وعندما يقول الحق :﴿ وَقَفَّيْنَا على آثَارِهِم بِعَيسَى ابن مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ أي مصدقاً لموسى الذي جاء بالتوراة. ﴿ وَآتَيْنَاهُ الإنجيل فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ﴾. وعرفنا أن " الهدى والنور " يناسبان البيئة التي نزلت إليها تلك الهداية وذلك النور.
إن هناك مقولات اسمها " المقولات الإضافية "، كأن يقول إنسان في قرية لابنه : أشعل الضوء. ويشعل الولد المصباح الكيروسيني ؛ أما إذا قال إنسان في مدينة لابنه : أضيء النور، فالابن يضغط على الزر ليضيء المصباح الكهربائي. وهذه الإضافات قد تجعل اللفظ يحمل معنيين. ومثال آخر أكثر وضوحاً : يسكن الإنسان في منزل ما، ويعرف أن السقف عال بالنسبة له، ولكنه أرض بالنسبة لأصحاب الدور الثاني، إنه علو وسفل وهذا هو المعنى الإضافي. وكذلك عندما نقول : فلان ابن فلانن فهذا لا يمنع أن هذا الابن يكون أباً بالنسبة لابنه.
إذن ﴿ هُدًى وَنُورٌ ﴾ هي معان إضافية. وكل " هدى ونور " يناسب البيئة التي نزل يفيها. فالبيئة المادية الأولى كانت في حاجة إلى تقنين ؛ لذلك جاءت التوراة، ومن بعد ذلك صارت هذه البيئة المادية في حاجة إلى طاقة روحية ؛ لذلك جاء الإنجيل بكل الروحانيات، وعندما سئل عيسى ابن مريم عليه السلام في قضية الميراث قال : أنا لم أرسل مورثاً، فهو يعلم أنه جاء بشحنة روحية فيها مواجيد ومواعظ. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon